في بهرة الذهول والضياع
أضاء قنديل إلهي حنايا قلبه
وشعّ في العينين وهج جمرتين
وأطبق المفكّرة
وهبّ مازن الفتى الشجاع
يحمل عبء حُبّه
وكلّ همّ أرضه وشعبه
وكلّ أشتات المنى المبعثرة !
: ماضٍ أنا أماه
ماضٍ مع الرفاق
لموعدي
راضٍ عن المصير
أحمله كصخرة مشدودةٍ بعنقي
فمن هنا منطلقي
وكلُّ ما لديّ ، كلّ النبض
والحبّ والإيثار والعبادة
أبذله لأجلها ، للأرض
مَهْراً ، فما أعزُّ منكِ يا
أماهُ ، إلا الأرض !
: يا ولدي !
يا كبدي !
: أماه ، موكب الفرح
لم يأْتِ بعد
لكنه لا بدّ أن يجئ
يحدو خطاه المجد
: يا ولدي
يا ...
: لا تحزني إذا سقطتُ
قبل موعد الوصول
فدربنا طويلة شقية
ودون موعد الوصول ترتمي على المدى
سواحل الليل الجهنمية
نعبُرُها على مشاعل الدماء
لكن ، يجيء بعدنا الفرح
لابدّ من مجيئه هذا الفرح
فيتساوى الأخذ والعطاء
: يا ولدي
اذهب !
وحوّطته أمه بسورتي قرآن
اذهبْ !
وعوذته بسم اللهِ والفرقان
كان مازن الفتى الأمير سيد الفرسان
كان مجدها وكبرياءها وكان
عطاءها الكبير للأوطان !
في خيمة الليل وفي رحابة العراء
قامت تصلّي
ورفعتْ إلى السماء وجهها
وكانت المساء
تطفح بالنجوم والألغاز
.................
يا يوم أسلمتْه للحياة
عجينة صغيرة مُطيِّبة
بكل ما في أرضنا من طيب
يا يوم القمته ذديها الخصيب
وعانقت نشوتها
واكتشفت معنى وجودها
في درّة الحليب !
يا ولدي
يا كبدي
من أجل هذا اليوم
من أجله أرضعتك
من أجله منحتك
دمّي وكلّ النبض
وكلّ ما يمكن أن تمنحه أمومة
يا ولدي ، يا غرْسة كريمة
اقتُلعت من أرضها الكريمة
اذهب ، فما أعزّ منك يا
بُنيّ ، إلا الأرض !
***