يعتبر الاعلام اداة اساسية في عملية التواصل والاتصال الجماهيري التي اتسعت افاقها ، وزادت ابعادها، وتشبعت مجالتها مع الثورة المعلوماتية والاتصالية والتكنولوجية الحديثة ، الامر لم تشهده البشرية مند بدايتها وحتى مطلع القرن الحادي والعشرين.والاعلام من هده المقاربة كما يقول اصحاب التخصص " انه عملية نشر وتقديم المعلومات الصحيحة والحقائق الواضحة ، والاخبار الصادقة ، والموضوعات الدقيقة والوقائع المحددة، والافكار المنطقية والاراء الراجحة للجماهير، مع دكر مصالحها خدمة للصالح العام ، ويقوم على مخاطبة عقول الجماهير وعواطفهم السامية وعلى المناقشة والحوار والاقناع بامانة وموضوعية". لكن هدا التعريف ربما يعكس لنا صورة مثالية للاعلام قد لا نراها في الاعلام المعاصر الدي اصبح عرضة للتاثير والتاثر بالكثير من المعطيات التي تخرجه احيانا عن عن اطار هده الصورة المثالية كما اه يختلف ويتاثر بالتغير في عنصري التاريخ والجغرافيا، او المكان والزمان حيث نجد ان هناك نظريات عدة جسدت الاعلام وعكست مفهومه ، فقد برزت (نظرية السلطة)التي اخدت بها واعادت انتاجها الانظمة الاشتراكية والشمولية كاداة لتطبيق سياسات الحزب الحاكم واستمرار النظام. وما لبثت ان ظهرت (نظرية الحرية) في اوربا والولايات المتحدة الامريكية، لتعكس الروح السائدة هناك من ديموقراطية وحرية التعبير واصبح الاعلام بدلك سلطة فاعلة في تاطير الراي العام وضبطه كما اصبح قوة ضاغطة على الانظمة السياسية من خلال كشف الحقائق والوقائع المخفاة في سياساتها التعسفية والقمعية لجماهيرها.
الاعلام كيفما كانت طبيعة المجتع الدي يشتغل فيه هو سلطة او وسيلة من وسائل الاحتواء، واداة للتعبئة والتحكم والضبط ، ادن لاغرابة ادا لاحظنا تركيز الانظمة السياسية في البلدان العربية على الاعلام وتدخله في توجهات هده الجريدة او تللك ، او هده القناة او تلك ، او ربما دعم الشخص المساند له، او المدافع عن اطروحاته ، فهده الامور تدخل في نطاق رغبة السياسة وخيارها ليبقة الاعلام تحت رحمتها ومظلتها وخاضعا لتوجهاتها واملاءاتها
ولا يشد الاعلام السمعي-البصري عن هده القاعدة وحتى لا ينفلت المجتمع من عملية التحكم والضبط بخاصة ادا ما اخترقته درجة الوعي،وحركية سياسية ، ودينامية اقتصادية،ونسبة من الوعي الثقافي، وقيم جديدة تتجه نحو الحداثة والانفتاح ، فان السلطة تمرر رسائلها عبر وسائل الاعلام ، وتتواصل وتتخاطب مع المجتمع عبر هده الرسائل،فهي بدلك تتحول من اداة للاخبار واطلاع الراي العام على ما يحدث في المجتمع ، على المستوى الاقتصادي والسياسي والرياضي والثقافي او ما يحدث على المستوى الدولي من وقائع وتفاعلات ، الى اداة تصبح فيها السيادة لكلمة السلطة على حساب سلطة الكلمة
وامام هدا التداخل بين الاعلام كاداة لايصال الحقيقة الى اداة لها قوة سياسية فاعلة في الحقل السياسي، فقد ظهر ما يسمى بالاعلام الحر الدي حاول ان يخلق ممارسة اعلامية شبه صادقة، وتتماشى مع ما تنتظره المجتمعات العربية التي تعيش في قوالب العولمة الاعلامية ،والتي لهل من الاختيارات ما يمكنها من عقد مقارنة بين الجيد والرديء ،كما ان هدا الاعلام الحر له القدرة على ان ينتقد ،يوجه ، ينبش في الملفات الشائكة ، ويقترح...فهو يعمل على تعبئة الراي العام حول قضايا مجتمعية كبرى تهم مسلسل الدمقرطة، التحديث السياسي، والتنمية البشرية ، كدلك له القدرة على توجيه الراي العام الوطني والدولي على اعتبار انها تحولت الى مرجع اساسي للمنظمات الدولية المهتمة بالقضايا العربية
الا ان هدا النوع من الاعلام لا يخلو من رداءة الجودة والكفاءة خصوصا ادا كان لا يستجيب لتطلعات الشعوب المتحدثة باسمها في كشف الحقائق والوقائع وسرد المعطيات بشكل مستقل ومتجرد وبنوع من المهنية والمسؤولية والشفافية